Sunday, May 22, 2011

صبر مش جميل خالص يا مجلس يا عسكري


من أول لحظة ظهر فيها الجيش في شوارع مصر والناس قررت تتعامل مع عساكره وظباطه ودباباته علي انها اهلها وجيرانها ، و زي العادة حسن النيه والصبر الصبر الصبر كانوا السمة الرئيسية في التعامل مع كل تجاوزاته وتمريره للقتله اللي اعتدوا علي العزل في التحرير وفرجته عالناس وهي بتموت وانتظاره للكفة الأقوي والأكتر عشان ياخد صفها ويركب نجاحها و بعدين الصبر علي عنفه وسحله وتعذيبه للمتظاهرين و تعليقهم من شعورهم وجلدهم وكهربتهم اللي الكل شافها في شهادات شباب زي الورد دخل كله حماس بثورة كان مستعد يدفع روحه فيها وخرج نفسه مكسورة وكرامته حرقاه، و بعدين الصبر علي انتهاكات الحرية وكشف مهين و مزري علي متظاهرات بغرض كسر عنيهم وإثبات نظرية ان البنات عاهرات والشباب شواذ وصيع ومورهمش حاجة وفاكرين نفسهم بني آدمين


الناس اتعاملت بصبر مبالغ فيه مع فض الاعتصامات بالقوة و محاكمات عسكرية لشباب ملهمش دعوة بالعسكرية ووقفة بالساعات الطويلة قدام النيابات والمحاكم وس ٢٨ و س زفت الطين، و زفة وفرح لما يطلعوا بحكم مع إيقاف التنفيذ مع ان دة حقهم علي فكرة مش جميلة المجلس بيعملها فيهم .. صبر طويل ومش جميل علي وزارة داخلية بتقبض من حر مالنا وهي قاعدة في بيوتها مبتتحركش ومجلس مش بيتحرك سنتي عشان يجبرها علي العمل أو حتي عشان يمنع عنهم المرتبات اللي بيلهفوها مننا


صبر شنيع علي دور عبادة بتولع وجيش بمجلسه بيتفرج في صمت وشماتة " مش هي دي الحرية بتاعتكوا، اشربوا بقي " سمعتها عشر مرات في ٣ اسابيع لما كنت عايزة اولع في اللي قالوهالي وفي نفسي وانا بلعن الصبر في سري . صبر وصبر فوقيه لما كل العواصم العربية طلعت مسيرات بشكل طبيعي في ذكري نكبة العرب كلهم والأمن عندنا قرر يقلع المتظاهرين بنطلوناتهم عشان يثبتولهم ان علم اسرائيل مش حينزل من عالسفارة .. صبر يعلي الضغط لما العمال فضلوا سنين يعتصموا ويتظاهروا ويتشقلبوا عشان حقوقهم – اللي مش هبة ولا جميلة من حد – والمجلس اتعامل معاهم بمنطق الارهاب الاقتصادي و فضل يروج أكاذيب عجلة الإنتاج لغاية ما المواطن المصري البسيط بقي عايز يولع في العامل المصري البسيط برضه


صبر علي صبر واحنا بنصرف من جيبنا الخاص علي علاج مبارك في مستشفي سبع نجوم في شرم الشيخ ومراته حرة طليقة ومحدش بيتحاكم اصلا، اصلا الصبر بدأ من وقت ما سبنا مجلس الهنا شهر ونص لغاية ما طلع قرار القبض عليه وهم بيقولولنا واحنا مالنا متكلموا النائب العام وبراءة الأطفال في عنيهم لغاية ما طلع البعيد يكلمنا من قناة سعودية ويحلف انه حينتقم من اللي شتموه


طب دة صبر أكبر من أي صبر لما اتفرجنا علي سرور حر طليق و عزمي يوم في السجن ويوم برة عشان كبير وعيان ،سوزان عندها سكتة وصفوت صبغة شعره حتخلص وأكيد لازم يطلع يجيب غيرها من سويسرا


يااه علي الاستحمال، بلطجة ونظام قديم وفتنة طائفية وطبقية وإعلام حقير ومحاكمات عسكرية وتعذيب وشتيمة وإهانة وقلة أدب من اللي ميسواش واللي ميسواش ومؤامرات وتحالفات .. والمفروض انها ثورة .. طب علي فكرة بقي هي مش ثورة، هي لسة نص ثورة ومش حتبقي ثورة غير لما ننزل يوم ٢٧ مايو ونفضل قاعدين علي قلب مجلس الشوم والندامة لغاية ما يحلوا عن أهالينا ويسيبونا لحال سبيلنا .. دول حتي مفيهمش محمد نجيب واحد يقولهم جوموا بينا نمشي فيقعدوه في البيت.. يا مجلس عسكري ، الصبر عايز صبر لوحده يا مجلس عسكري، امشوا من نفسكوا من غير تهديد ومن غير قلة قيمة أكتر من كدة عشان انتوا دوركوا جاي .. سواقين التاكسيات مش طايقنكوا علي فكرة وحينزلوا يوم ٢٧ مايو ودة ترمومتر الشارع لو انتو متعرفوش .. خلص الصبر وجايين التحرير نعتذر اننا مشينا بعد ما مبارك مشي ومستنيناش لغاية ما مطالبنا تتحقق .. مبقاش فينا نفس نصبر أكتر من كدة .. كفاية صبرنا علي كل اللي قبليكوا

جايين يوم سبعة وعشرين


Monday, April 25, 2011

خارج المعتاد

كليشيه جديد أبدأ به و هو انني أتمني إن لم تمت لتشهد معي أغرب و أجمل وأروع ما حدث علي المستويات جميعا .. أن تكتشف ان لا يوجد مستحيلات و اننا لا نحيا إكلينيكيا مثلما حيينا لسنوات عدة ، كنت أتمني رؤية هذه الفرحة ترقص في ملامحك وتزغرد في هتافك لي ولكل من يهمك أمرهم بالاستمرار و التقدم حتي النهاية، بالتأكيد كان منتهي السعادة هو أن تكون متواجدا لتري ما حدث و لتبكي معي في الميادين فرحا بنصر لم يتخيل حدوثه أحد

مجموعة من اللحظات المتباينة التي لا أعرف ان كانت انتهت أم ليس بعد – و أنت خارج الصورة و داخلها بأقصي الحدود - الحدود التي انكسرت جميعا في هذا الظرف الخارج عن كل المألوف و كل المعتاد

و هناك اعتياد مطلق علي القيد ، ان لم نجد هذا القيد، بحثنا عنه حتي أوجدناه، القيد هنا وهناك، في الحلم و الوعي و اللاوعي .. إلا في تلك اللحظة التي اختفت فيها جميع الأسوار و انطلق كل منا في اتجاه واحد .. روح جديدة حلت بي و بغيري، ليست روح، هي رياح و أمواج دافئة تضرب كل من يقف أمامها، طاقة تدفقت في العروق و الأوردة و كأننا نبعث من موات ، فهل بعثت أنت في تلك اللحظة لتشهد كل ما هو غير مألوف و لا معتاد؟

خلايا و شرايين أدمغتنا تنبض بلا هوادة و الأدرينالين يتدفق في كل سنتيمتر من أجسادنا، الابتسامة لم تفارقنا ، وكما قال أحدنا ، نحن علي قمة هرم السعادة .. و الكون بأكمله يقف بجانبنا وأنتم يا من شهدتم الغليان الأول والقوة والرغبة في الحياة حتي تكملوا ما بدأتوه تقفون في الميادين ذاهلين اننا نفعل ما نفعل و نرتجل كل ما هو خارج عن المألوف و عن المعتاد .. و بالطبع و كما تقول كل القوانين الكونية فقد تكاتلت جميع الأحداث الغير مألوفة لتأخذ مكانها في هذا البورتريه العجيب الذي أراه قطعة فنية لا وجود مثال لها ، تضاهي الرسومات السريالية غرابة و الأنغام الفيروزية دفئا وليالي القاهرة الباردة سحرا ومحبة العاشقين تفردا .. لوحة اندمجت فيها التفاصيل و تجردت تماما من كل الشوائب التي تحولت في لحظة الي نقاط قوة .. لوحة تداخل فيها المكان مع الشخص و توقف عندها الزمن و توسل ألا تنتهي

ونحن – كما تعرف – تعلمنا أن نحيا من بضعة كلمات ، ليس إلا بضعة كلمات و بضعة مواقف وكلها في النهاية ذكريات لي و لمن هو مثلي، ولكن يبدو ان ذاكرتنا لم تعرف النسيان أبدا .. و ما أريد أن أقوله لك باختصار أن الموضوع بأكمله هو بضعة لحظات .. فقط لحظات تقف منفصلة تماما خارج السياق وإن صنعت هذا السياق أحيانا .. لحظات بعينها أتذكرها بكل قوة الذاكرة الممكنة و أحفظها توقيتا و موقفا و شخوصا و أشياءا .. لحظات قلبت الموازين وانتظرتها أنت وانتظرتها أنا و انتظرها الكثير والكثير من هؤلاء الذين يشبهوننا والذين لا يمتون الينا بصلة .. هي لحظات يا أبي كان معظمها صادما و غريبا و غير متوقعا و مبهجا و مقلقا و رائعا و غير مألوفا و بالتأكيد غير معتادا أبدا .. و أنا لا أكتب لك كي أبكي موتك قبل أن تشهد هذه اللحظات ، ولا أكتب لك لأحكي عنها وعنا، أنت تعرفني، أكتب حين أخاف و حين أحزن و حين أشعر بالخطر، و الآن أسطر هذه الكلمات و هذه المشاعر تحتل قلبي فلا أستطيع حتي أن أنام و أكاد أفقد عقلي من الأرق و يسألني الجميع طوال الوقت " مالك " و لا أحد يستوعب بالطبع " مالي " سواك .. أخشي أن اللحظات قد بدأت في الانتهاء ، و أشعر انني استهلكتها في وقت قليل .. و ربما إن عاد الزمن لقسمتها علي بضع سنوات حتي لا تنفذ سريعا و أعود مرة أخري الي المألوف و الي المعتاد

Written on Monday, March 7, 2011 at 2:00am

اعتذار

منذ سنوات طويلة و أنا طفلة كنت أعرف المسيح جيدا ..أعرف المسيح شكلا و روحا و قلبا ، ربما عرفت المسيح و أنا طفلة بحكم نشأتي في مدرسة راهبات كاثوليكية ، أعرف المسيح و أعرف النظرة الحانية الرقيقة في عينيه

أعرف الكنيسة و الشموع بالداخل و اللوحات الضخمة للسيدة العذراء ، أعرف الخشوع الذي يقف به المصلون داخل الكنيسة، أعرف الزيت المقدس و التراتيل و الحنوط و الإنجيل و أبانا الذي في السموات و الصليب و الفروق بين الكنيسة الرومانية و الكنيسة الأرثوذكس و الكنيسة الإنجيلية ، أعرف أمهات صديقاتي اللاتي يرتدين التنورة الصوف السوداء التي تصل الي تحت الركبة بثلاثة بوصات ، أعرف قصة الشعر القصير للنساء المسيحيات فوق سن الأربعين، أعرف الكثير و الكثير من آباء الإعتراف ، أعرف أبونا إنجيلوس، قس الاعتراف الوسيم الذي لا نستطيع الاقتراب منه لانه قس و نقي و لان طبعا دة عيب ، أعرف الدعابات التي كنا نلقيها علي بعضنا البعض و نحن مراهقات ، دخلت عشرات الكنائس و حضرت عشرات المناسبات و الوعظات و لي من الأصدقاء من يخدم في الكنيسة و من يذهب الي أديرة في أبعد البلاد طلبا للستر مثلما يذهب بعضنا الي السيدة زينب طالبا للولد و الزواج

أتذكر راهبات قلب يسوع المصريات و القسوة أحيانا عندما نسيء التصرف و أتذكر أمي عندما كنت أشكو من تلك القسوة أحيانا و هي تقول للسيستر " إكسري و أنا أجبسها يا سيستر دي بنتك " أتذكر صديقاتي المقربات و أنا أحتفل بأعياد الميلاد المجيد في بيوتهن و نبني سويا ذكريات تبقي و ان شابها ألف قنبلة و مسمار و قذيفة

في أحلك الأوقات كنت أذهب لمقهي صغير في الكوربة بمصر الجديدة مع إحدي صديقاتي المقربات ، نفعل هذا منذ سنوات لا أتذكر عددها ، لا أعتقد انني يوما خرجت من هذا المقهي معها و أنا في صدري حقد أو غضب أو حزن دخلت اليه و أنا أحملهم لانها تستطيع ببساطة شديدة و شفافية و ثقة لا متناهية أن تجعلني أشعر براحة و سعة صدر حتي ان بقيت مشاكل حياتنا بلا حلول ، و أتذكر أيضا صديقتي نفسها و هي تقول لي من يومين عندما هاتفتها لأهنئها بالعيد " اتصوري ان أنا أول مرة أحس اني مش عايزة أعرف مسلمين أبدا " و علي الرغم من الألم الذي نفذ الي قلبي فور سمعت هذه العبارة و لكني وجدت نفسي أقول لها دون أن أدري معاكي حق . و بالطبع لم تعن هي ما قالت و لم أعن أنا ما قلت ، فهذه الصديقة و أسرتها بالكامل لا تستطيع ان تنتزع المحبة من قلبها التي أعرف أنه يمتليء بها حتي ان انفجرت ألف قنبلة بيننا

منذ سنوات وقفت في إحدي الكنائس أشهد عرس إحدي صديقاتي المقربات ، ذرفت دموعا غزيرة في هذه الكنيسة كأنني أشهد عرس أختي ، لم يحدث يوما ان شعرت بالاختلاف بين صديقاتي الأقباط و هم كثر ، لم تشوب مشاعرنا يوما حقد خفي لاختلاف ديننا ، و أعترف اليوم انني لم أشعر بهذا الألم الحارق منذ سنوات . لم أشعر يوما بالخيانة و الغدر مثلما شعرت بهم يوم الأول من يناير ٢٠١١

في التايمز سكوير بنيويورك ٢٠١٠ وقفت للمرة الأولي لأشهد ميلاد ٢٠١١ و بجانبي صديقة عمري التي دفعت من أجل رؤيتها مبلغ طائلا من المال في تذكرة طيران لرحلة ١٢ ساعة من دبي الي أمريكا – صديقتي منذ عشرين عاما أو أكثر – منذ كنا أطفالا في المدرسة – صديقتي التي احتفلت معها مرات عديدة بجميع الأعياد ، بكينا و تآمرنا و ضحكنا و تألمنا و فعلنا كل شقاوات البنات و انتهي بنا الأمر الي بلدين في قارتين في أطراف العالم المتباعدة ، منذ أكثر من خمسة عشر عاما جلسنا سويا في بيتها نأكل البطاطس المقلية أمام جهاز كمبيوتر عملاق و بدائي للغاية ، في هذا اليوم قررنا أن نستخدم جلاد كشاكيل المدرسة الملونة بالوردي و الأزرق الفاتح و نطبع عليها المهن التي نتخيل اننا سنكونها في المستقبل – و أتذكر جيدا أنها كتبت علي الكارت الخاص بها " جراحة مخ و أعصاب بالقصر العيني و مدير عام قسم الجراحة بجامعة القاهرة “ صديقتي اليوم و أقل ما يقال عنها أنها عبقرية تعمل في مستشفي جون هوبكنز بميريلاند في أمريكا و أعرف يقينا أن في خلال أعوام قليلة ستكون من أهم الجراحات في العالم بأسره ... صديقتي التي ابتاعت مرتبة هوائية في الغرفة الضيقة التي تسكنها في ضاحية ببالتيمور من أجل أن ننام أنا و أختها عليها ، و ظللنا نسخر من اقتصادها في النقود و تعذيبها لنا في البرودة القارصة و انتظارنا للحافلة لساعات في درجة حرارة أقل من الصفر حتي نوفر أجرة التاكسي الباهظة . وقفت بجانبها في التايمز سكوير و نحن نسخر و نضحك من البرد القارص و من تجولنا ساعات طويلة في طرقات نيويورك الباردة بلا هدف و تقريبا بلا أموال تذكر .. وقفنا سويا نرقب الكرة التافهة التي تسقط من أعلي مبني في التايمز سكوير لتشهد أمريكا ميلاد السنة الجديدة و نتمني أن نستطيع أن نتقابل المرة القادمة في وطننا . و قبل بداية السنة بدقائق قليلة ، أخبرنا صديقنا المصري الذي يعيش في نيويورك ان هناك تفجيرات في كنيسة بالاسكندرية ، و ساد الصمت بيننا للحظة، إحتضنتها بعدها و أنا أمازحها قائلة " معلش بقي احنا كدة كل سنة لازم نعيد عليكو " . كنت أمزح وقتها لانني لم أكن أدرك حجم الكارثة التي حدثت ، لم أكن رأيت وجوه الضحايا البائسة و أشلاءهم الدامية التي تبعثرت في أنحاء ساحة الكنيسة لتشهد علي جريمة أقل ما يقال عنها أنها بشعة و قبيحة و غير إنسانية

لن أختزل علاقات المصريين من المسلمين و المسيحيين في علاقة شخصية بيني و بين صديقتي ، و لكنه الخجل الذي تملكني لحظة شعرت فيها ببعض المسئولية عما حدث . أشعر ان من واجبي أن أعتذر لكل أصدقائي الذين – و بعيدا عن الكليشيهات الخاصة بالوحدة الوطنية – يمثلون عائلة كبيرة لي ، الي كل بيت قبطي دخلته ، الي كل أم سألت علي أخباري بحنو بالغ و اهتمام غير مصطنع ، الي والد إحدي صديقاتي الذي وقف معي لحظة دفن والدي و حمل معي نعشه و احتضنني في أبوة حقيقية و هو يشد من أزري بأعين دامعة ، الي أم صديقتي التي كانت معلمتي يوما ما و التي تقضي علي الأقل خمسة عشر دقيقة تفردهم للدعاء لي بالزواج و الستر و السعادة و نحن نقف متململين علي سلم العمارة حتي نخرج للفسحة في مقاهي مصر الجديدة ، الي صديقتي المسيحية التي في لحظة ما لم تتردد في إخراج كل الأموال التي كانت في حقيبة يدها و أعطتها لي عندما عرفت انني أمر بضائقة مالية ، الي العشرات و العشرات من المسيحيين و المسيحيات التي لن أستطيع أبدا أن أعدهم و أعدد من التفاصيل التي حدثت بيننا .. الي كل الذكريات التي صنعناها معا ، الي كل السنوات اللاتي كنتم فيها دائما عائلة حقيقية لي ، في الفرح و الحزن و السراء و الضراء ، الي كنيسة الزيتون التي وقفت أمامها مع أمي و أنا في الثانوية العامة ننتظر ظهور العذراء حتي ندعوها أن تنجحني في الفيزياء (علي الرغم من أن أمي متعلمة و ذكية و لكن الفيزياء كادت أن تفقدها البقية البقية من عقلها !) الي المسيح و العذارء التي بالتأكيد تذرف الآن بدلا من الدموع دم ، أعتذر اليكم جميعا ، أبكي موتاكم و إن استطعت لمررت عليكم واحد واحد لأعتذر و أبوس راسكم ، نحن جميعا مذنبون لاننا لا نستطيع تعويضكم عما فقدتم ، الموتي في مكان أفضل و لكن الأمان لا يستطيع تعويضه إنسان

Written on Saturday, January 8, 2011 at 2:05am

سبع سنين


لن أبدأ بمقدمات طويلة تحكي لك عن مدي اشتياقي العنيف لك خاصة في هذا الوقت من العام الذي يتصادف فيه دوما ازدحام الأحداث و تراكمها

سأدخل في الموضوع مباشرة.

كانت سنة غريبة و زاخمة بالحركة و الأحداث المفصلية – كانت سنة من السهل جدا وصفها بالناجحة و المليئة بالتحققات و النجاحات علي أكثر من مستوي.

حكيت لك بالعام الماضي عن انتقالي للعمل بالخليج – و كم كنت أشعر بالخجل من هذه المعلومة ، فأنا أعرف و أدرك تماما انك لا تريدني أن أعيد هذا الجزء السخيف من حياة خليجية مصطنعة لا تشبهنا في شيء.

و لكن كما تعرف لم أستطيع أن أخضع لهذه البلد التي يبدو كل شيء فيها مضاد للطبيعة البشرية – أنت تعرفني ، لا أحتمل النظام المنضبط الي درجة انه يبدو أحيانا غير إنساني – ، فبعض العشوائية و بعض الهرجلة تبدو أكثر إنسانية – مثلنا و مثلما تعودنا عليه.

استطعت أن أتوصل الي خيار وسط جعلني أنتقل الي مصر كل شهرين أو ثلاثة ، و يكلفني هذا الكثير من المعاناة التي تعرفها و تحفظها أنت عن ظهر قلب – مصر متعبة و زحمة و مش منظمة ، الجميع يقول دبي أحسن و أسمع السؤال المعتاد انتي بتستحملي مصر ازاي بعد ما عشتي في الخليج.

و أنا لا أرد و لكنني أعرف انه الاشتياق – الاشتياق الي أشيائي التي تمتليء بها مصر، أشيائي مثل الدخان في سماء القاهرة الرمادية و الذي سبب لي و لك أزمات ربوية متكررة، رائحة كورنيش الاسكندرية و القطط و الحيوانات الضالة بالطرقات و الشحاذين و ابتسامات الناس في إشارات المرور و المعاكسات الوقحة و التي أحيانا كثيرة ما تعكس خفة دم و غلب و بساطة عادية لا تجدها الا في السيرك المسمي بالشارع المصري الذي أتوقع في أي لحظة ظهور حاوي أو مهرج يتشقلب في إشارة مرورية طويلة بعض الشيئ .. الجميع يعرف ان مصر بها شيء ساحر من المستحيل تفسيره ، لانها بالورقة و القلم و بالحسابات الدقيقة و العقل و المنطق و التاريخ و الجغرافيا و الفلسفة و جميع المسميات ميتة اكلينيكيا ، و الأمل في إحيائها مثل الأمل في إحياء قلب مصاب بالسكتة الطويلة – صدمات كهربائية طويلة، في الغالب لا تعيد القلب أبدا الي حالته الطبيعية حتي ان عادت خفقاته.

المهم انني مازلت أحن الي هذا الشيء الساحر و أذهب كل فترة قصيرة لإشباعه .. و أتعمد إغراق نفسي في "الزبالة" - كما يسميها معظم المصريون الذين يعيشون في الخليج – حتي يغمرني إحساس انني فعلا في مصر ، فأجتر كل ما أخذت في النهل منه فور عودتي الي الخليج البارد ، هذا الخليج الذي يجعلني أشعر بالمزيد و المزيد من الاغتراب الذي مرضت به منذ ان غادرت أنت .. الاغتراب الذي يجعلني أزداد في العصبية و مهاجمة البشر أجمعين و لا أستثني أحد مطلقا.

عملي بخير ، للمرة الأولي منذ بدأت بالعمل بشكل عام أتمني أن تكون موجودا لتخبرني بتصوراتك و آراءك و نقدك اللاذع و لمعة الفرحة الخجولة في عيونك التي تقول علي استحياء انك فخور بما أفعل حتي ان كان هذا الفخر يتخلله الكثير و الكثير من التريقة و التعليقات اللاذعة التي اعتدت عليها و أمارسها طوال الوقت – بالطبع لن أسلم من بضع كلمات التوبيخ عندما تعرف انني أعمل في مكان يتسم ب "اليمينية" (أكيد زمانك عرفت !!).. لم يكن هناك – للأسف غيرها – ممن يتقنون هذه الصناعة التي أرغب في الاستمرار بها (الصناعة و ليس المكان الذي أعمل به) ، و ان كنت أعدك انني يوما ما سأمتلك مكاني الخاص – الذي لن يتصف باليمينية أبدا – المهم انني بالكاد بدأت أفتخر بما أعمل ، بدأت أشعر انني جديرة بانتمائي اليك أخيرا – لن أعرف ابدا ان كان هذا المكان "كويس" أم "مش كويس" لا أريد أن أعرف أصلا ، الجهل و العمي في هذه الحالة أفضل مائة مرة من إدراك حقائق قد تجبر علي اتخاذ قرارات صعبة – و أنا لا أستطيع ان أتخذ أي نوع من القرارات الآن – ربما في خطابي الثامن لك أكون قد نضجت أكثر قليلا.

سبعة سنوات كاملة !! هل تعرف انها كانت مفاجأة حقيقية هذه المرة؟ سبعة سنوات مرة واحدة ، الإدراك و المواجهة و التصديق ان هذه المدة قد مرت أمر يفوق قدراتي – في أكثر اللحظات المتحققة التي يكتمل فيها عمل بذلت فيه الكثير من الجهد ، أو في اللحظة التي تحتضني فيها فريدة أو في اللحظة التي عرفت فيها أن محمود قد أصبح دكتور أسنان و أنت تركته طالب متهاوي بالثانوية العامة تظهر أنت في خلفية الصورة لأعرف أن هذه السعادة ستظل دائما غير مكتملة لأنك لا تشارك فيها – ستظل اللوحة دائما ناقصة لقطعة البازل الرئيسية التي تفسر هل الصورة حلوة أم ماسخة.

أسافر كثير الآن - توصلت أخيرا ان هذا ما يجعلني أنشغل عن التفكير و عن التدقيق في الكثير من الأمور، و ان كنت مازلت أشتاق لمكان لا أعرف لغته و لا أعرف أحدا به – أنت تعرفني ... أغترب فأبحث عن المزيد من الاغتراب بدلا من محاولة الخروج.

أعمل طوال الوقت ، أسافر ، أري الكثير من الوجوه و الأشخاص .. توقفت تماما – تقريبا عن الكتابة – و وشي منك في الأرض ، و لكني لا أستطيع أن أكتب – أعتقد أن الرواية كانت حالة استثنائية من الرغبة في إخراج شيء يجثم علي النفس – و ربما لا .. لن أعرف الا اذا انتابتني هذه الحالة مجددا .. المهم اني أشتقت اليك و خطابي لك هذه المرة لا يحمل سوي أخبارا تبدو سعيدة – مثل أن محمود قد تخرج و أصبح طبيب أسنان ، أطفال داليا يشرحوا القلب ، أنا زي ما سبتني ، مازلت أعمل بشراسة و أتعامل بشراسة و أبكي بنفس الشراسة – و أفعل هذا بشكل عادي و تلقائي و أوتوماتيكي ، لا يهمني شيء منذ رحلت و لا أتعامل مع أي شيء بأي جدية ، فكل شيء فان مثلما فنيت أنت.

أنا لم أعد طفلة و أدرك الآن و أنا في آخر سنواتي العشرينية أنك لن تعود ، أعرف انك ذهبت الي مكان قد يكون أفضل ، أعرف انك في راحة عظيمة و أن حظك فعلا عظيم أنك لا تشهد ما يحدث في بلادنا فهذا كان كفيل بسنوات من الاكتئاب و الحسرة تضاف الي الهموم القديمة – و نحن جميعا في غني عن هذا .. أتمني أن تكون في وسط أصحابك ، أتمني أن تكون قد تواصلت مع كل من لحقوا بك من أقارب و جيران و رفاق عمر .. أتمني أن تكون ناظرا اليَّ من السماء ، أتمني أن تكون شاعرا باشتياقي اليك ، أتمني أن تكون مطمئنا علي أحوالي و أحوال من يهمك أمورهم .. أتمني أن تكون راضيا و أن تكون وجدت من الأطباء من يستطيعون إصلاح اعتلال قلبك – و أتمني أن تزورني كثيرا في أحلامي كما تزورني أحيانا ، و عندما تفعل ، حاول أن يكون الموقف أكثر منطقية و أكثر وضوحا و أن تمكث معي مدة أطول لو أمكن (أعرف أنك مشغول و لكن معلش ، بعض الوقت لي لن يضر أحد.

عارف؟ عندما أفتقدك بشدة – أتذكر مشهدا واحدا .. في الصباح أنت تفترش الكنبة الزرقاء القطيفة و تمسك الجريدة بيد واحدة و يمتد ذراعك علي ظهر الكنبة ، و أنهض أنا من النوم ، أتجه اليك و أنا نصف مغمضة الأعين لألتصق بك بلا كلام علي نفس الكنبة ، فتبتسم أنت أيضا بدون كلام و يحتضني ذراعك في حنان كوني لا يعوضني عنه شيء – أتذكر هذا المشهد و أغمض عيني حتي تؤلمني ، فربما أستطيع استحضار هذه اللحظة – و عندما يحالفني الحظ أفتح عيني لأجد رائحتك تملأني – فأبتسم و أعود في لحظة واحدة الي سبعة سنوات مضت

Written on Monday, December 13, 2010 at 7:45pm

جواب عالسريع

أبي العزيز

أكتب اليك في الذكري السادسة لرحيلك، و هذا فقط لأضعك في قلب الأحداث و حتي لا تشعر انني لا أشاركك ما يحدث، و هذا أيضا لاني أعرفك و أعرف انك أحيانا تشعر بالبارانويا عندما أكف عن الرغي المتواصل معك
لا تتضايق، فانقطاعي عن الكلام معك في الفترة السابقة كان سببه انني لا أريد ان أتصف بالجنون و باني طفلة لاتزال تدبدب علي الأرض و هي تصرخ في عنف انا عايزة بابا

المهم، أولا بالطبع و قبل أي شيء، أفتقدك بعنف و انت تعرف هذا، الحياه كما تقول كل الاكليشيهات المعتادة لازالت خاوية و غير متزنة منذ رحلت
و انا لازلت أطرح ذات السؤال العدمي العبيط الذي لا يفضي الي شيء، هو انت ليه كان لازم تموت؟ حتي الآن لا أفهم لماذا لم تخلد بشكل مادي، فأنت مخلد بالطبع في ذاكرة الجميع و سأحكي لك باستفاضة عن تلك النقطة لاحقا، و لكني أفتقد وجودك المادي بجنون و خصيصا في هذه الأيام التي تنعدم بها الرؤية و لا أجدك لتسخر مني بطريقتك المعتادة ثم تحل كل المشاكل بدفء حضن طويل يزيل كل العتمة
أفتقدك و لن أطيل في هذه النقطة لانك تعرفها و تشعر بها أكثر مني فطالما ما حللت إحساسي قبل ان أشعر به

النقطة الثانية هي أحوالي، تركت عملي القديم منذ فترة و أفلست قليلا و عدت للحياة في شقتنا القديمة لبضعة أشهر، و انت كنت معي و تعرف كم كانت الحياه قاسية وقتها، و لكني استطعت المضي فيها و تغلبت علي هذه المشاق القليلة ببعض من الذكريات

في هذه الفترة انتهيت من كتابة أول رواية لي، هل تتذكرها، مازلت أمتلك بعض تعليقاتك علي الصفحات الأولي منها و التي تخلصت من معظمها، المهم انني انتهيت منها بل و نشرتها، انت تعرف كم هذا مرعب، فأنا خائفة ان أفشل فأنسب فشلي اليك و خائفة أن أنجح فيقولون انني نجحت بسبب اسمك الذي – و ياللعجب – مازال يتذكره الجميع – و هذا تأكيدا لنقطة سابقة. كتبت تلك الرواية و انتهيت منها و نشرتها أيضا و هذا تحدي سافر لكل المخاوف القديمة و الجديدة معا و بكيت حتي كدت أفقد البصر لانك لست موجود لتواصل دعمك لي، دعمك الساخر الحنون الذي لم أجد مثله حتي الآن في إنسان و لا أتوقع أن أجده و لا أبحث عنه أصلا

أصدقاءك كانوا في قمة التواصل و التشجيع، تعاملوا معي بالطبع بصفتي ابنتك و بدأت أسمع كلمات تشبه بنت الوز العوام و من شابهت آباها فما ظلمت...الخ و أيضا أعطوني بعض النصائح و ترغرغت عينيهم بالدموع و لم يقصروا ابدا في الانتهاء من الرواية بين ليلة و ضحاها من أجلك و من أجل ذكراك

نسيت أن أقول لك ان جميع من قرأ الرواية " قفش " انها سيرة ذاتية، و هذا بالطبع بسببك، فانا لم أستطيع مقاومة الكتابة عنك و انت الكائن الأسطوري في حياتي التافهة، و علي الرغم من ان الكثير من الأحداث ليست سيرة ذاتية الا ان كلامي عنك بوضوح وبلا أي نية لإخفاء انك أبي جعلت الجميع يصنف الرواية كسيرة ذاتية، طبعا انت تعرف انها ليست سيرة ذاتية و انها مجرد استخدام لبعض الوقائع و الأشخاص روائيا ، أعرف أيضا انك طبعا لن تتهمني بشيء و انك فخور بي و ان أسوأ ما حدث يوم ظهرت الرواية انك لم تكن موجود لتعطيني نظرة ساخرة دامعة و حضن طويل لا يفلتني ان ولعت الدنيا

استحضر الآن أيامك الأخيرة و ضمة يدك ليدي علي فراش الموت – التي وصفها الأطباء انها انقباضات عضلية و التي أثق انها لفتة دعم و تشجيع أخيرة منك – أستحضر الأيام التي تركتني فيها و أشعر انها كالبارحة في قتامتها و أشعر انها منذ ألف عام لغيابك. أستحضر لحظة الموت و الدفن و الفراق و الوداع الأخير الذي ودعته لك قبل ان أفارق قبرك، أستحضر قبلتي لك في ثلاجة المستشفي و انا أشعر ان وجهك ينبض بالحياه و ان الجميع يخدعني، أستحضر تخيلاتي لك و انت تمزح في القبر قبل ان أفارقك و تعزيني موتك. أستحضرك و انت تذهب بعيدا و انا أري نفسي في دوامة كبيرة من العدم لازلت أدور فيها حتي الآن

مازلت كما انا بالمناسبة، أسخر و أهاجم و أمارس العصبية و السخرية بأشكالها التي لا تعد، مازلت أنتظر و لا أبدأ بالفعل ابدا، مازلت كما تركتني، بحطة إيدك و الله، العقد و المركبات كما هي و زاد عليها فقط عدم الأمان الذي أمارسه في حماس و دأب مع الجميع و مازلت أستمتع بوراثة خطاياك و أخطاءك و مازلت أستمتع بلومك علي أي شيء يحدث

كدت أنسي، تركت مصر منذ بضعة أشهر نازحة للخليج، و أقصد هنا جنة الله في الأرض دبي، و لكن انت تعرفني، أولد فتعود انت من الكويت بلا مليم، أسافر الي الجنة فتفلس و تغرق في شبر ميه، أتيت لأحاول الخروج من الدوامة التي تركتني فيها، أتيت من أجل لقمة عيش جديدة و عتبة جديدة و هروبا من الكثير من الأشياء التي تحفظها انت عن ظهر قلب، و لكنها للأسف أفلست و غرقت البارحة في ساعات من الأمطار الغير محسوبة، و مازلت مصرة علي البقاء حتي أجيب درفها. المهم اني أتيت، و بالطبع أربط قدماي كل يوم لكي لا أركض للمطار عائدة للوطن.. بالمناسبة لم يتغير شيئا فيما يخص الأخير، لايزال يختزل كل معانيه و قيمه في مباراه كرة قدم عجماء و بضعة عنواين صحف صفراء. تذكرتك يوم مباراه مصر و الجزائر ، تذكرتك يوم هبطت عدالة السماء علي استاد باليرمو و علي كنبة بيتنا القديم التي قفزت من فوقها و تحشرج صوتك من الصراخ و التشجيع بعد مباراه كاملة من السباب المتصل، لا تقلق ابنتك موجودة و تؤدي دورك ببراعة و اقتناع كامل و أفرغت شحنة سباب محترمة (أو غير محترمة) عندما فشلنا في تسديد هدف يتيم يبل ريقنا
الجميع بخير و يبعثون لك بالتحية، أطلت في الحديث و لهذا انا أسفة، و لكنك تعرفني ان بدأت في الحوار معك لا أنتهي ابدا و ان كمموا فمي

أتعشم ردك سريعا، و أعرف اني سأجده كالبرق مثل العادة، أعرف ان قدرتك علي الكتابة علي الكيبورد ليست أفضل شيء، و لكنك من الممكن ان تحاول من أجلي.. كنت حنسي، ابعث بالسلام للأستاذ محمد صالح، جالك من ثلاثة أسابيع، اتقابلتوا ولا لسة؟

قبلات لا حصر لها و حضن واحد طويل جدا لا ينتهي
Written on Monday, December 14, 2009 at 2:38am

قالت و قالت

هي
نصحتها دوما الا تنتظر
الانتظار مميت و قاس
ولا يجلب سوي المتاعب
أخبرتها ان تكف عن اختيار الحلول الوسط
ان تتقبل الأمر الواقع
ان تكف عن التصرفات الطفولية
و ان تنضج
أخبرتها ان الوقت يداوي أحيانا المشاكل و الجروح
و أخبرتها أيضا ربما لن يلتفت الوقت لنا
قالت انها تعرف كل شيء ضمنيا
فهي دائما في المكان نفسه
قالت انها تحفظ احباطاتها و جروحها و أحلامها في علبة التبغ التي لا تفارق يديها
تحفظ كل شيء و تعرف كل شيء
قالت انها تعرف جميع الأزرار التي تتوق لضغطها في آلة الزمن
و بالترتيب
قالت انها ستحتمل كما احتملت من قبل
و قالت انها اخطأت كثيرا
و قالت انها لم تخطيء ابدا
قالت الكثير

أما هي
فتذكرت
اللقاء و الدهشة و لحظات الفرح و لحظات الجنون
الأصدقاء، و الاكتئابات، و الصمود و السخرية من كل شيء
القرارات الغبية، و الانهيار أحيانا
الحافلة الصغيرة، الغرف الخالية الا من الذكريات
الأوراق و الكتب و المقهي
الصور الضاحكة، البارانويا
و المرة الأولي من الكثير من الأشياء
البنايات العتيقة، فيروز تشدو في كاسيت نصف مكسور
المدفأة القديمة و السهرات التي تتخللها بعض النسمات الباردة - و ان كانت تبدو الآن دافئة
العلاقات المضحكة من فرط السذاجة
و ان كانت تبدو اليوم صادقة حين تتذكرها
الصدامات، المؤامرات، الخسارة
الشتاء و هو يحاول ترتيب الأحداث
الأحزان، الفراق ثم العودة
الغربة و الألم والحنين أحيانا، التناقضات التي تزايدت بشكل مميت
مئات المحاولات
تذكرا معا
كل الأشياء
و كل اللحظات
ثم انتهي كل شيء

كلمة أخيرة قلتها لك مرارا
نهضت يوما من نومي في الفجر
و كنت وقتها أؤمن ان كل شئ و أي شيء من الممكن ان يحدث
هل تعرفي هذا الاحساس؟
اتذكر انني كنت أقول لنفسي
ربما تكون هذه هي البداية الحقيقية للسعادة
ربما تبدأ السعادة الآن
و بالطبع لن تنتهي علي الفور
و سيكون دوما هناك المزيد
و لم أدرك يوما انها لم تكن البداية
و انها كانت هي اللحظة الحقيقية
كانت تلك هي السعادة
Written on Wednesday, October 29, 2008 at 6:02am

Two last words.

Dad,
You once told me, do everything you love, and stay around with the people you love. And if you once fell in love, don’t think twice. No matter what the future brings, no matter how hard it is, no matter how that person is different than you are. Stay around with anything or anyone that you love. And when the spark is gone, just leave. And when you leave, don’t do it in a lousy way. Be decent and be strong, and never look back. You told me that you couldn’t do that, and that you wish you could have done it when it was the time. Were you waiting for me to play it the right way?
Sorry dad, I couldn’t.

I know you are right, and please stop it. I can hear you making fun of me, I know your sarcasm, and I know you’re crying at the same time. But please stop it and listen to me.
How can I do what you told me to when I am you?

I am the manifestation of everything you once did, or thought, or experienced, or wished for, or tried to achieve.
I am your inner wishes, your mistakes, your unhappiness, your sarcasm, your wild dreams, your psychological fears and worries, your love to people, your ability to get what you want, your depression, your alienation, your loneliness, your wrong decisions, your frustration… I am everything you once were… except for one thing. I am the extreme other side of your nobility. I am monstrous while you exemplified nobility.

With all the frustrations you had in you, and which you successfully passed on to me, you were and still are the noblest human being I once met. Probably this is the only thing, which I didn’t get from you. I am sorry, I tried, but there were some problems.
First thing, since you left, I practiced a lot to get myself attached to anything. I unconsciously lost the ability to love. But don’t worry; I actually overcame this problem after only 4 years of your departure. After 4 years, I regained the ability to feel once more. To tell you the truth, I was really happy to discover that I could exercise this feeling again. The three or four things that I loved were as follow:

The first I ruined because I was unstable
The second I ruined because I was depressed
The third I ruined because I was insecure
And the fourth, actually I am still on my way to ruin because…
I don’t know, I will tell you when I ruin it completely, because right now I don’t know. Probably it will be for the above mentioned three reasons all together!
But I know it will be soon.

Enough with the sarcastic smile on your face. Dad, can I ask you for a favor? You know how much I love you. But actually I need to blame someone for all the above, and actually the whole world has been very selfish lately.

So with the love of the world, I blame you for everything. I blame you for bringing me to the world, I blame you for passing your chromosomes to me, I blame you for leaving, and I blame you for who I am.

Dad, I already told you that this morning, but in case you were not listening, if you are logging now to facebook, please read this note. I am sorry I can’t tag you, but I know you are online in a way. You are always updated old fellow.

By the way, if you were not listening this morning, and if you are not logging on to facebook, I will have to come and tell you that in the face. So don’t push me! Who am I fooling, you know and I know that I will be coming soon.

Two last words;

First, Thank you for taking all the blame bravely.

Second, unconditionally, I love you so much.

Written on on Tuesday, August 26, 2008 at 12:17am

خسرنا أحلاما جميلة

علي غلاف رواية قديمة، يقف في منتصف الصورة حنظلة ... و تتناثر كلمات علي الصفحة ذاتها

“خسرت حلما جميلا، خسرت لسع الزنابق و كان ليلي طويلا، علي سياج الحدائق و ما خسرت السبيلا"

يحفر حنظلة الكلمات علي الحائط و أقرأها و يقرأها غيري

ثم نكبر، و تنتهي طفولتنا و نصبح عقلاء، نقرأ و نحلل و نستمع

نتغير و نختلف و ننضج و نصبح أشخاصا غريبة، لا تشبهنا كثيرا

و يبقوا هم دائما أول من ألقوا داخلنا بحقيقة بلا زيف أو ادعاء


محمود درويش.. لم أقابلك يوم

و لكني أشكرك علي كل كلمة كتبها قلمك، أبكتني و علمتني أشياء ليس لها علاقة مباشرة بالجغرافيا و التاريخ و لكنها مرتبطة بي و بك و بنا جميعا


شاهين

عندما كان عمري ٩ سنوات و تصورت أن شريط الفيديو الكائن في مكانه بجوار التلفاز يحتوي علي الكارتون فقط، و اتضح انه شريط مسجل لحدوتة مصرية، انتقلت مع الحدوتة لمكان آخر عبر الزمن، و كانت هي البداية الحقيقية التي جعلتني أقفز مراحل كثيرة في حياتي

محمود درويش، يوسف شاهين، صلاح جاهين، سعاد حسني، أمل دنقل، بهاء طاهر، فيروز، مارسيل خليفة، علاء الديب، ناجي العلي، منير،

شهدت رحيل البعض

وآخرون لا يزالوا هنا أو هناك

ربما يكون الضباب الذي يحيط بنا الآن مجرد علامة كونية علي انتهاء تلك المرحلة العظيمة

يا من رحلتم، قد حملتم معكم ذكريات و أحلام لا يقوي علي حملها بشر

حملتم ذريعتنا و أخطاءنا الحالية و كآبتنا و ارتعاشة أبداننا و دموعا قد لا تكون كافية

صديقي يقول أننا لم نعد أطفال، و أننا فقدنا براءتنا و اندهاشنا بالحياة

و لهذا غضبوا و انصرفوا

إني أعتذر اليوم و كل يوم

و أعدكم إنني سأعود صغيرة مرة أخري

أندهش و أتفاعل و أغضب و أفرح و أنام نوما عميقا

و لكن... إذا عدت يوما، هل ترجعوا أنتم مرة أخيرة؟

Written on on Sunday, August 10, 2008 at 6:54pm

إستئناف


تذكرت فجأة انني بدأت مدونة عام ٢٠٠٦ ولم أكتب بها سوي مرتين فقط ثم توقفت تماما عن الكتابة وأصبحت أكتب في توقيتات معينة بالسنة و أستخدم الفيسبوك كمساحة للنشر


لا أعرف لماذا لم أستخدم هذه المدونة ابدا علي الرغم من تذمري من الفيسبوك وقراءه المحدودين


أدركت الآن فقط ان السبب الذي لم يجعلني أستخدم المدونة هو عدم عدم قدرتي علي تحمل فكرة أن يقرأ الكثيرين ما أكتب وهذا لأني ببساطة أخاف.. أخاف من النقد، وأخاف من الغير معلوم، وربما يكون هذا الخوف بسبب عدم نضج أو عدم ثقة في النفس أو حتي عدم قدرة حقيقية علي الكتابة .. أيا كان السبب، أعلن اليوم انني نادمة كل الندم علي عدم استغلال هذا الفضاء العظيم المسمي بالتدوين .. سأقوم بنشر ما كتبت في السنوات القليلة الماضية وهو ليس بالكثير إطلاقا، ولكن ربما يدفعني هذا القرار لاستئناف الكتابة ، ربما يدفعني هذا الي الخروج من فضاءات الفيسبوك الخانقة الي مساحات أوسع وأكثر رحابة


بس كدة