Saturday, March 17, 2012

تفاصيل


الأول
يقف دائما علي الحافة، طويلا شامخا، مبتسما تضحك عينيه في فرحة بادية تختفي فقط حين يدرك أنهم يأتون فقط للسلام ثم يذهبون بلا عودة..

الثاني
يقف في منتصف المجموعة، بسمرته اللامعة وسرعة كلامه الذي لا تكاد تفهمه من الاستعجال، يقف وحوله الكثيرين، ويجلس في منتصف غرفة الجلوس الذهبية التي لا ذوق لها، يجلس في منتصفها صامتا كالمقعد فلا يستطيع أن ينطق إلا عندما ينطلق فجأة مبتعدا ولكنه يعود دوما الي المنتصف باحثا عن ما فقده في الطريق..

الثالث
معلقا كلوحة ثابته التفاصيل تراقب الجميع بلا كلمة واحدة، معلقا فلا تلحظ وجوده إلا ان كنت تفضل الفن الصامت الذي يصرخ بالإبداع في سكون.. وإن لاحظت اللوحة تختفي فجأة تفاصيلها وتبهت إلي أن تحول نظرك عنها..

الرابع
يتكلم كأنه يصرخ، منطلق طوال الوقت، يستمتع بترفيه الآخرين بحكاياته، دائم الكلام فلا يصمت أبدا وتظن أنه فاقد القدرة على الصمت، ويعلو دوما صوته عن ما يحدث حول فلا يكاد يسمع صوت الكون إلا عندما يغفو في المساء..

الخامس
لا رائحة له ولا تستطيع أن تقربه ابدا فهو داخل الفقاعة الكبيرة التي صنعها حوله حتى لا يكتشف الآخرون أنه بلا رائحة..

السادس

خائبا مهزوما يرتدي ثوب الطهارة صباحا ويلطخها عارا ليلا، حاكما على من حوله، فاقدا سعادته في صراع لا ينتهي أبدا، إنجازاته غير مكتملة، حقيقته زائفة ويقف الجميع من على بعد ينظرون الى ملامحه الرائقة ويتمنون بداخلهم أن يصبحوا يوما في مكانه..

السابع
نادما على اختياراته وذنوبه، وصامتا لا يستطيع الحراك، لا يستطيع البوح بالندم، يقضي حياته في تخيل ماذا كان سيحدث إن كان قد إختار حيوات أخرى؟

الثامن
ينتظر فقط، ويعبر مفترقات الطرق في حذر، ينظر وراؤه بعد كل إختيار ليتأكد أن الطريق آمن.. ويظل نادما طوال الطريق علي المفترق الذي لم يختاره..

التاسع
عاديا والعاديون تفاصيلهم لا تستطيع الكتابه اختزالها..

الأخير
سائرا، واقفا أو جالسا أو حتى معلقا على الحائط يسجل ككاميرا فوتوغرافيا تفاصيل كل ما يحدث حوله في كونه وكون الآخرين، خياله لا يهدأ في بناء الأحداث الغير موجودة والقائمة على حفظه للتفاصيل، ذاكرته هي ميكروشيب ذو سعة لا متناهية تحتفظ بالجميع، ألوان وتجاعيد وقبح وانتكاسات، يذهب فقط الى ما يجعله تعيسا، وفي اللحظات الفارة من الأزمنة يستدع الفرح فيقف على "قمة هرم السعادة"، لحظات قليلة يحتفظ بها بقوة ثم يطردها بعيدا، يندم بعدها كثيرا ويهرول الى القاعدة العامة لخيال التعاسة ليعاقب القدر الذي لم يدرك أن السعادة لم تكن يوما تشبهه في شيء.. شعوره المتواصل بالذنب ينطلق كشبكة تخنق من جرؤ واقترب منه في لحظات الفرحة، وتعاسته تستدعيهم لاحتوائه إن أعطاهم الفرصة الثمينة.. هو وحيدا وتعيسا وعظيما.. ولذا هو دائما الأخير الذي لا يأت بعده أحدا..

No comments: